ملاحظات حول مقالات الدكتور بوالروايح عن مالك بن نبي

د. محمد مراح

مُعلَم وكاتب جزائري أصيل مدينة تبسة .

01/05/2023

الدكتور محمد بوالروايح فضلا عن وظيفته الأكاديمية ، كاتب رأي رئيس في صحيفة الشروق اليومي، يوزع موضوعات مقالاته على  شؤون عدة ؛ بوصفه مثقفا مرموقا، وكاتبا متمرسا ، مستثمرا شخصيته العلمية الأكاديمية، ومكتسباته الثقافته الذاتية المتنوعة، في مقاربة ومعالجة قضايا مقالاته . يقارب كلّ ذلك في حياض مدرسة الأصالة الإسلامية العربية والوطنية الحكيمة الواعية.

ومن الطبيعي والمألوف أن يثير الرأي والفكر مسائل وقضايا تحتمل وجهات النظر المتعددة على تنوع دلالة التعدد. فيستدعى الحال حينئذ النقاش والحوار والمناظرة وغيرها مما عرف تاريخ الفكر البشري من تفاعل وتجادل؛ يثري العلم والمعرفة والثقافة والأدب والفن .

وقد كانت الصحافة العربية محضن هذه الحياة المنعشة الحيوية، خاصة منذ مطلع القرن العشرين في المشرق العربي، ضمن ما يعرف بالمعارك الأدبية أشهرها : معارك أساطين الأدب والفكر العربي المعاصر، كمعارك العقاد  وجماعة الديوان ونقداتهم لأعلام الشعر العربي المعاصر شوقي وحافظ، ومعارك العقاد مع الرافعي، ومعارك زكي مبارك مع طه حسين وغيرها .

وفي حياتنا الثقافية الجزائرية بعد الاستقلال نذكر النقاش الفكري الرفيع بين الدكتور عبد الله شريط والأستاذ مصطفى الأشرف، رحمهما الله، فيما نقرأه في كتاب الدكتور شريط “نظرية حول سياسة التعليم والتعريب” . أما بالنسبة لجيلنا وأحسب الدكتور محمد يذكر المعركة الفكرية العاصفة بين علمين من أعلام الفقه والأدب في الجزائر ؛ الشيخ الجليل الفقيه أحمد حماني رحمه الله، والدكتور عبد الله حمادي، واحتضنت صحيفة النصر الجهوية بقسنطينة المقالات الثرية القوية قوة المتناظرين لفترة لا بأس بها، وكنا نتمتع بفيوض المعرفة واللغة والفكر والعلم  التي تغمرنا  بها المناظرة في  ساحة “النصر ” العريقة.

وكم يشعر المرء بالغبطة والفخر والسعادة أن يخال نفسه  لذاك الجيل العظيم القدر بمعايير الأصالة والوطنية والإخلاص؛ وليدا متعلما مقتديا ، ومن أسلافه أساتذتنا في غير مقاعد الدرس : الأساتذة أبو جرة  سلطاني وحسن كاتب وحسن خليفة والطيب برغوث والدكتور قلالة وحبيب راشدين وغيرهم ممن حفظ الأمانة ويصنون الوديعة .

ضمن هذا الإطار تأتي ملاحظاتنا على مقالات الدكتور محمد بوالروايح  تتعلق باهتمامات  جيلنا بفكر وتراث مالك بن نبي رحمه الله ؛ نصنفها على النحو الآتي ذكره :

  1. أصالة فكره النهضوي  2.  العلاقة بان باديس  3. كتاب “العفن”. .4. مالك و بيغوفيتش. سأقتصر في هذا المقال على الألوين

1. أصالة فكره النهضوي:قارب الموضوع عبر سؤال مركزي :” هل كان مالك بن نبي مقلدا أم مجددا؟” / 25/01/2021

خلاصته :أن مفهوم مالك بن نبي حول الحضارة أخذه عن   محمد إقبال؛ بإعادة صياغة الرؤية التوحيدية عند إقبال التي تتشكل من ثلاثة عناصر: العنصر الترابي والعنصر الإنساني والعنصر الزمني. و ليس في هذه المعادلة الحضارية شيء مختلف عما ذكره إقبال إلا من حيث قدرة بن نبي على هندسة الأفكار وتصميمها على نحو رياضي فيزيائي يتماشى مع طبيعة الفكر التجديدي الذي انخرط فيه بن نبي.أما ” القابلية للاستعمار” فلم تكن إبداعا بن نبيا ، بل سبقه إليها ابن خلدون بمقولته الخالدة ” المغلوب مولع بتقليد الغالب” ، يرى  ” إنه [بن نبي ]  لم يضف في الحقيقة إلا ثلاثة أشياء: أولها أنه استبدل فكرة اقتداء الغالب بالمغلوب بفكرة القابلية للاستعمار، وثانيها أنه استبدل الأمم الغازية المستبدة التي ذكرها ابن خلدون بالاستعمار الذي شهده القرن العشرين، والثالث أنه أضاف إلى فكرة ابن خلدون بعض “الأفكار التقنية” التي اكتسبها من تخصصه في الهندسة الكهربائي”. لينتهي إلا أن ” أن مالك بن نبي كان من حيث العموم مقلدا وليس مجددا في الفكر الحضاري الذي سبقه إليه كثيرون”.

نلاحظ من الناحية الشكلية أمرين هما : أن “القابلية للاستعمار” من مبكرات فكر مالك بن نبي طرحها في ” شروط النهضة” 1949. والثاني : العلاقة الفكرية الجدلية بين بن نبي وإقبال؛ أو أخذ كلا منهما من الآخر!  كيف يأخذ إقبال المتوفي عام 1938 عن مالك المغمورحينئذ ، ولم يصدر كتابا بعدُ، كما أنه كان يكتب  مقالات بالفرنسية في إطار محدود جدا لا يتصور أنها بلغت إقبال الذي أطبقت شهرته الآفاق .

أما ملاحظاتنا  حول المضمون فهي :

1 ــــــــــ  كتاب إقبال (تجديد الفكر الديني) : في معظمه بسط لنظرية جديدة في علم الكلام والتوحيد دمج فيها الإلهيات بالتصوف، مستثمرا وناقدا للفكر الغربي المعاصر في قضايا ذات الصلة بالعلم ،وفي جزء تصور جديد لمفاهيم عقائدية من خلال عباد الصلاة.. وفي جزء آخر تناول مصادر الإسلام التشريعية والنصية والحضارية.  وفي جزء رسم  نظرية الثقافة  الإسلامية في سياق نظريته ، وختاما بسط مسألة الدولة والتشريع والمحاولات التجديدية في الإسلام دائما من خلال نظريته الجديدة الممزوجة بشقها الكبير الثانية ( التصوف) .  لا نكاد نعثر إلا على كلمة ( الزمن) الذي تناوله في السياق المذكور، في التراث الفلسفي الإسلامي،والمعاصر.

 2. مسألة المنتوج المادي لم تكن من اهتمام النظرية الإقبالية هنا ، اللًهم  إلا ما ورد من حديثه عن الدولة في أدائها العملي، بصدد نقد فكرة الدولة الدينية . لذا فلم يكن من اهتمام النظرية معالجة دور منتج تنكنولوجي أو ابتكاري!!!
3.معادلة مالك بن نبي حول مكونات البناء الحضاري هي : الوقت ــ الإنسان . مع إفراد الفكرة الدينية بمبحث منفرد عنهما للأهمية والخصوصية . هذه العناصر في نظرية مالك بن نبي تندرج ضمن علوم : النفس والاجتماع، والفلسفة العملية، والتربية والاقتصاد، والسياسة. وأكثر فكرها ونتاجها تفصيل لتفعيل هذه العناصر لإعادة الدخول في دورة حضارية جديدة للعالم الإسلامي .

4.بناء على ما قلنا  بأي مقتضى موضوعي، وعقلي، ونقدي يكون مالك قد اقتبس المعادلة عن إقبال، ثم أعاد إخراجها عبر معادلته تلك ؟ هل يكفي أن ترد كلمتا (الزمن والتراب) في بسط علمي رفيع وعميق، لنظرية في التوحيد التي لا نكاد نجد لها مثيلا في الرفعة والعمق إلا في كتاب الفاروقي (التوحيد)، كي يكون مالك مقلدا لإقبال ، ضربة لازب ؟! التأمل الفكرين يفضي إلى أن مالك قد استفاد كثيرا من روح النظرية الإقبالية في فعالية علم الكلام والعقيدة، وكذا دور  فكرة الدينية في بناء الحضارة .مع التأكيد على أن فكرة فعالية العقيدة بذورها لدى محمد عبده، ومدرسة المنار. إذن نحن أمام حيزين معرفيين بينين متباينين طُرًا .
5. أما القابلية للاستعمار فأساسها قرأني في قوله تعالى : “أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” آل عمران /165 . وأحسب الدكتور بوالروايح  يذكر كيف كان الشيخ الغزالي رحمه الله يؤصل بها لنظرية مالك ، ورأيه هو نفسه في بعض كتبه .ومع هذا فلا وجاهة  لحكم  الأستاذ :فمقولة ابن خلدون من حيث دلالة الحدوث زمنا يكون بعد تحقق الغلبة، وبسط السيطرة . أما مالك فإنها عنده تمثل سلسلة مترابطة من الأسباب النفسية والثقافية والاجتماعية والتربوية والعلمية تكونت عبر الزمن فأنشأت استعدادا نفسيا وفكريا وثقافيا للترحيب بالوافد القاهر . . ثم يستمر أثرها المُدمر في الأمة أثناء وبعد الاستعمار (أمتنا خاصة العربية) نموذج بهيج لهذا.

6.إن تحليلات بن نبي للقابلية للاستعمار عبر أغلب نتاجه لا تحتويه عبارة ابن خلدون إلا في المعنى اللفظي والأخلاقي الظاهريين، لأن الفكر الإسلامي لم يُطرح لديه الصراعُ مع الأعداء أنذاك في هذا المستوى الذي أنضجته علوم النفس والاجتماع والسلوك في الأفراد و الامم والدول .
فتحليل مالك للظاهرة التي لا تزال هي السبب الرئيس في ما فيه أمة الإسلام اليوم أي القابلية للاستعمار، مثلا في كتابه الصراع الفكري، لم يكن الفكر الإنساني قد تهيأ لها في العصور القديمة، ببساطة لأن العلوم الاجتماعية، والسلوكية لم تكن  قد ارتقت لمعنى العلم .

وللتبع المصطلح في فكر مالك بن نبي أنصح بالاستهداء بفهرس العام لكتاب الأستاذ عمر كامل مسقاوي ” في صحبة مالك بن نبي ” ؛  ج2، ص :1310 . والكتاب سفر مرجعي نفيس لفكر وسيرة مالك بن نبي كلّل به الأستاذ مسقاوي حفظه الله مساره الفريد أمانة وأداء وتتبعا وشرحا واستظلالا بأستاذه حيا وميتا ، في ملحمة قلّ مثيلها في ثقافتنا العربية المعاصرة .

7 لمالك الشجاعة الفكرية والأخلاقية التامتين لإعلان تبنيه نظريات محددة، واستخدامها وحدات تفسير لقضايا ومشكلات الحضارة . ولعل أفضل من تناول هذا المسألة الدكتور محمد غلوب فرحان الفيلسوف العراقي في سلسلة مقالات عن بن نبي في مجلته أوراق فلسفية، ومنها : (حضور هرمان دي كيسرلنج ” في خطاب مالك بن نبي ) ــ الخطاب الثقافي – المعرفي عند مالك.

   
8على ضوء الملامسات السابقة فإنً الحكم   على أن مالك بن نبي كان من حيث العموم مقلدا وليس مجددا في الفكر الحضاري ، يضطر صاحبه لمغامرة جديدة أعمق، ربما تكشف تلبس مالك بن نبي بالخيانة العلمية !!

2.  العلاقة بان باديس  : في مقال :” بن نبي وبن باديس.. علاقة يلفُّها الغموض” : 22/4/2023.

العنوان يلخض مضمون المقال.

أما الملاحظات فهي  :

  1.    يقول الدكتور محمد :”هل كانت بينهما غيرة مناطقية…” أين المناطقية وكلاهما ابن قسنطينة؟!! فإن قصد تبسة فمالك بن نبي أمه من عائلة أحمد شاوش التبسية،و والده سي عمار القسنطيني عمل في تبسة وتوفي فيها ودفن بها رحمه الله .
  2. ويقول أيضا :    “اختار أحدهما منهج الإصلاح الديني واختار الآخر منهج الإصلاح الفكري فعاب كل منهما على غريمه سلوك المنهج الخطأ؟” أما   ” الغريم ” في اللغة فهو الدائن، وما ورد فيها بمعنى الخصم، يستفاد من المعجم العربي صلته بالمجال المالي . فأي خصومة بين العلمين الكبيرين بهذا المستوى الدلالي، بل بالمستوى الاجتماعي  والنفسي؛ فهل لدينا من تراثيهما ما يدل على المنافسة على المنزلة الاجتماعية من بوابة الإصلاح ؟ قد يكون لدى الأستاذ ما يفيد في هذا الصدد ؟  ومع هذا ليدلنا على مكان واحد ذكر فيه الشيخ بن باديس مالك بن نبي !!!
  3. يرى الكاتب أن أستاذنا الدكتور عمار طالبي الوحيد ممن تحدث عن هذه العلاقة ، في حوار صحفي  نُشر في الشروق{ 2022/04/18م} قال :” عن تقديم الأستاذ لكتاب الدكتور طالبي “ابن باجيس حياته وآثاره” :فعلا مفحمة [المقدمة ]  لكل الذين قالوا إن العظيمين كانا في خطين متوازيين لم يلتقيا أبدا، المفكر بن نبي قال وهو يكتب المقدمة إنه شعر بلذة مزدوجة، ووصف شخصية ابن باديس بالمتنوعة والغنية، وقال بالحرف الواحد إن ابن باديس كان مناظرا مفحما، ومؤمنا متحمسا، وصوفيا والها، ومجتهدا يرجع إلى أصول الإيمان المذهبية، وهو وطني مؤمن تصدّى عام 1936 لزعيم سياسي نشر مقالا عنوانه أنا فرنسا، فردّ عليه ردا حاميا قويا.ويعترف المفكر بن نبي، بأنه كان يقرأ افتتاحية الشيخ ابن باديس التي كان يكتبها في الشهاب من عام 1929 إلى غاية عام 1939″. وفي الوقت الذي يستشهد بهذا النص من الحوار، يعقب الدكتور بوالروايح :” هذا التقديم –في اعتقادي- رغم صِدق كاتبه وأمانة ناقله لا يقدِّم ولا يؤخر في شيء فقد تطغى المجاملة”لكن الجملة    من المقدمة تزيل الغموض ؛ ” وأنا نفسي أشعر بشيء من الحرج حين أقدِّم كتاباً يحوي – بالضرورة – أفكاراً وأحداثاً كنت نصيراً لها أو معارضاً.” المسألة موقف فكري واختلاف رؤية وتقدير وتحليل “.وقوله :” والمبدأ الأساسي القائل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الرعد/11 الذي كان أول خطوة في الإصلاح؛ يمكن أن يعتبر- من زاوية مَّا – ترجمة لهذه الضرورة في صيغة مذهبية.ومن هنا نرى التقلبات التي كان يمكن أن يتعرض لها مبدأ كهذا المبدأ لدى وضعه موضع التطبيق، عندما يجد المرء نفسه – أو يظن – أنه مضطر إلى أن يتنازل للسياسة على حساب كمال المذهب ومتانته.ونقد الحركة الإصلاحية الجزائرية كله يمكن أن يوجه نحو هذه النقطة “.

ويبدو أن فرضية خصومة دفينة التاريخ لم تُعْرف بَعْدُ أسبابها “تحوجنا  إلى    انتظار  خبر التاريخ ، فهل سيلبي التطلع والفضول ؟ ربما !

لكنه مع هذا كشف لنا تقييما  مميزا  فكرا ودلالة وتفسيرا في مقال ؛ نشره أخونا الباحث والمؤرخ المدقق مولود عويمر في البصائر / 2022-04-19 مقالا مترجما كتبه مالك بن نبي العدد 20 من جريدة «الشاب المسلم» الصادر في 24 أفريل 1953، بمناسبة الذكرى الثالثة عشر لوفاة الشيخ ابن باديس.

ومما قاله عنه في المقال :”… هذا الأرستقراطي البربري، هذا القسنطيني المتمدن كان لديه أحسن المعاملة مع الناس وكان لديه حس راق في الإخلاص للوطن. وفوق كل هذا كان مؤمنا ورعا. ومن دون شك فإن هذه السمة هي الأساسية لدراسة دعوة تبقي الآثار القوية للإصلاح الجزائري.”وقال :”إن هذا التعليم الحر الذي يشكل شهادة واقعية لعمل ابن باديس حيث أن كل هذا التعليم قد تم إنشاؤه وتسييره من قبل جمعية العلماء التي تحتفظ على التدقيق باسم ذلك المرحوم الموقر كرمز لفكرته والبند الخفاق لحركته”

إذن : ما حقيقة الأمر ؟ إنه أهون كثيرا مما عَنَّى الدكتور فيه نفسه، وطلب له تقصى الغوائب والغوامض. إنه اختلاف الرؤية الفكرية وأدواتها التحليلية والمنهجية، النابعتين  أساسا عن عاملين  رئيسين هما :  أ. الحصيلة المعرفية والثقافية ــــــ

ب ــــــ  خصوصية التجربة  بكل مشمولاتها التي عاشها كل منهما ، فضلا عن المزاج والطباع والشعور بالموقع الاجتماعي والثقافي والفكري وتبعاته .

 كما نستأنس بقول الدكتور سعد الله في موسوعته {تاريخ الجزائر ج7 ص211:” يمثل مالك بن نبي مدرسة فكرية مستقلة بين المدارس الفكرية التي عرفتها الجزائر منذ الحرب العالمية الأولى،  فلا هو من تيار المدرسة الاستعمارية …ولا هو من تيار المدرسة السياسية التي أنشأها الأمير خالد…ورغم أنه كان يحس بالطبيعة أنه من تلاميذ مدرسة ابن باديس فإنه كان أيضا بعيدا عنهم لضيق مجالهم وتخليهم عن دورهم الأساسي في نظره ثم لسذاجتهم. وهكذا كان ابن نبي كثير النقد للمدرسة الإصلاحية أيضا. ” 

  • السؤال الأهم ما قيمة كل ماورد إزاء قول مالك نفسه :” والمبدأ الأساسي القائل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الذي كان أول خطوة في الإصلاح؛ يمكن أن يعتبر- من زاوية مَّا – ترجمة لهذه الضرورة في صيغة مذهبية.ومن هنا نرى التقلبات التي كان يمكن أن يتعرض لها مبدأ كهذا المبدأ لدى وضعه موضع التطبيق، عندما يجد المرء نفسه – أو يظن – أنه مضطر إلى أن يتنازل للسياسة على حساب كمال المذهب ومتانته.ونقد الحركة الإصلاحية الجزائرية كله يمكن أن يوجه نحو هذه النقطة” .؟ إذن المسألة فكرية منهجية أولا ووآخرا . و عدم ملاحظة والاعتناءبصلة الأفكار والأحكام بالأحداث في بعدها التاريخي .
  • وتبقى جهود الدكتور بوالروايح محمد في التوعية والتوجيه الفكري والثقافي والديني التي يتعهد بها الجيل الشاب عبر الشروق ضرورية ومهمة لإنارة عقوله ، وحفظه من غوائل “أغوال ” الاجتلاء الحضاري والفكري الشرسين المتربصين به دوائر الضلال والهلاك ، وفقه الله للاستمرار في سبيل ذلك .