الزاوي و زُكامُ كراهية الممارسات الشرعية !  

د. محمد مراح

مُعلَم وكاتب جزائري أصيل مدينة تبسة .

30/04/2022

سلك أغلب  اللائكيين وذيولهم في العقود الأخيرة، مسلك الوقوع في الإسلام دون هوادة أو تورع، بذريعة  سوء مسالك المسلمين . فلكي يتقوا سخط الجماهير عليهم إن هم نالوا من دينهم مباشرة، جاءوهم من تصرفاتهم وأحوالهم التي   من البداهة أن لها وعليها بمعايير الإسلام و عقلاء المسلمين وعلماؤهم .

ولذا ففاجر حينا أدلى بدلوه المثقوب كعادته،  وسوف نعرض لبعض من خطابه المشبع بصهد العنصرية العرقية الجهوية، والحقد الدفين على الإسلام الذي مكث قرونا طويلة في هذه الأرض، ولم يلق فيها مصير الرومان والبزنطيين والفرنسيين. 

ــ يمارس العنصري العرقي  الكراهية عبر إهانة المجتمع في موقفه من الدين /: 

ــ { لقد أصبح الخطاب السياسي والفكري والتربوي والإعلامي المتداول في الحياة اليومية العربية والمغاربية خطابا غارقا في مظاهر “التدين” الشكلي، وهو ما يدل على أن النخب لم تتمكن من تحرير نفسها من “ضغط” المجتمع الذي يعيش حالة من “النفاق” الديني المفروض والوعي الزائف.ــ 1

يضعنا هذا النص في سياق خطابه ، مجسدا  كراهية ومقت  الالتزام الديني الإسلامي على أي حال كان؛ ما وافق الشرع الحنيف أو إنحرف عنه بهذا القدر أو ذاك، وما الوعي الزائف سوى تغبيش عن القصد أي أن التدين زيف ، والفجور عنه وعي رشيد . ولا غرابة فشاشة القلب المظلم بالتبرم بالإسلام وقيمه ومظاهره لا تعكس الوقائع على حقيقتها .  

نلحظ بداية حيلة غبية لجأ إليها العنصري الكذاب؛ ألا وهي استخدام تنظيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ مظلة يمرر تحتها كل مخازيه وأكاذيبه وكراهيته العنصرية الخبيثة عبر الرمز الكاذب بالفيس لكل إسلاميي الجزائر ، فيقول “نجد إسلاميي الجزائر، ممثلين في تنظيم الفيس، الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي خرجت منها جميع التنظيمات الإسلامية في الجزائر اليوم” 2.

متى ظهرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ حتى تفرخ كل الإتجاهات الإسلامية   الأخرى؟ الجواب بطبيعة الحال يعرفه الجزائريون الذين عاشوا فترة مابعد الاستقلال إلى نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات التي شهدت نشوء هذا الحزب الإسلامي، بينما كانت الحركة الإسلامية بفصائلها الكبرى المعروفة { الإخوان بشقيها  والجزأرة وحتى الدعوة والتبليغ والسلفية بفروعها} جميعا  ظهرت خلال نحو العقود الثلاثة التي سبقت أحداث أكتوبر 1988 التي أدت للانفتاح السياسي.

بأسلوبه الثقيل يتخذ من بعض الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية مدخلا لنفث سمومه وكراهيته السلوك والمظهر الإسلامي :

ـــ  الكراهية عبر مقارنة الاجتماع للصلاة بالتجمهر في ملعب كرة قدم مع تشهير وضيع بقيم ومبادئ إسلامية :فالتجمهر الذي يحصل في ساعات أداء صلاة تحت مظلة سياسية إخوانية أو جهادية أو سلفية أو قاعدية أو داعشية في المساجد أو في الساحات العمومية أو الملاعب الرياضية يسعى إلى شحن قيم هدفها زرع الفتنة ورفض الآخر، رفض فكرة العيش معاً، يتم التعبير عن ذلك من خلال خطاب مكتوب (المناشير واللافتات) أو الخطب الشفوية (الأناشيد والشعارات)التي تتداول في هذه المناسبات الدينية.

وحين التدقيق في سوسيولوجيا التجمهر إن على مستوى بنية الخطاب أو على مستوى سيكولوجية الفرد والجماعة ومحاولة قراءتها وتفكيكها، سنلاحظ أن تقارباً كبيراً في رمزية مضامين الشعارات المرفوعة في كرة القدم، وما يرفع أو ينشد في تجمعات الإسلام السياسي، فالفلسفة العدمية والروح الإقصائية والتحرش والعنف والغضب والكراهية والأنانية والفحولة الكاذبة وشهية الاغتصاب هي ما يطبع تجمع حرب كرة القدم وحرب الإسلام السياسي.

ففي الإسلام السياسي كما في كرة القدم ترفع شعارات “الأجمل” و”الأقوى” و”الأصلح”: “ديننا هو أفضل دين”، “دين الآخرين كذب”، “ديننا هو الذي سينتصر”، “ديننا هو الأقوى”، “على الديانات الأخرى أن تكون خاضعة”، “الفتوحات قائمة”، “الجهاد واجب”، “قتل الخصم” وهو ما يغذي ثقافة الكراهية بمفهومها الفردي والجماعي ويقضي على فكرة إمكان العيش معاً بسلام على هذه الأرض أو فوق كواكب أخرى سيصلها الإنسان لاحقاً” 3

يصطنع صاحب العقل المسطح لنفسه هيبة العالم الاجتماعي ، فيحلل السلوك الديني مستخلصا دلالات ثقافية ونفسية وسلوكية بالغة الأهمية . لكن بغباء غبي؛ فأين نجد اليوم الصورة التي يرسمها للاجتماع للصلاة ؟ إنه يستخدم صورا قديمة أيام التسعينيات، يسوق بها لغير الجزائريين ممن يمكن أن تسوقهم حظوظهم التعيسة لقراءة خرق هذا الكذاب  . 

أما المقارنة بين صورتي الاحتشاد للعبادة وجماهير ملاعب كرة القدم، فهي مما يدخل علم الاجتماع في حداد طويل على الكارثة التي حلت  .به بولوغ الزاوي في عرضه !!!

ومع ذلك فالقصد الأساس من نثر هذا الروث هو التعريض بالإسلام وأحكامه الشرعية :  “: “ديننا هو أفضل دين”، “دين الآخرين كذب”، “ديننا هو الذي سينتصر”، “ديننا هو الأقوى”، “على الديانات الأخرى أن تكون خاضعة”، “الفتوحات قائمة”، “الجهاد واجب”، “قتل الخصم”

 ويبدو أن الكذاب وجد في الشكليات التي ينعى على أصحابها الحرص عليها؛ متنفسا لأحقاده على التدين الإسلامي، وبعض من مظاهر المتدينين ؛ فيصور مصطنعا مقام عالم الاجتماع أو المحلل الإعلامي الجهبذ أحوال المتدينين من الجنسين على النحو الآتي :”  ـ الكراهية عبر الكذب والتضليل في مسألة الحجاب في الجزائر“أما المرأة الإسلاموية فهي الأخرى اتخذت لها “لوكاً” جديداً، ارتدت لباساً لم تعهده المرأة الجزائرية ولا المغاربية بشكل عام، فكانت ترتدي “جلباباً” مستورداً، تجرجر أطرافه على الأرض، وبألوان حزينة كالأسود أو الرمادي الداكن، وشيئاً فشيئاً بدأت تتكاثر “المجلببات” خصوصاً في أوساط الطالبات، وظهرت جمعيات تنتمي إلى الإخوان المسلمين مهمتها تلبيس الطالبات اللباس الإسلاموي وذلك بالتبرع بمثل هذه الألبسة، وشيئاً فشيئاً بدأ الشارع والأسرة المغاربية يفقدان انسجامهما الذي يعد اللباس واحداً من دعائمه، فاللباس ليس مسألة حيادية، إنه علامة أيديولوجية” 4

أولا إن لم تستح فقل أو إفعل  ما شئت، فالصورة التي يرسمها هنا للمتدينات مزيفة لا تتفق مع تطور لباس  الالتزام الديني الذي أنشأته الحركة الإسلامية في الجزائر منذ السبعينيات إلى اليوم ؛ فقد ظهر   الحجاب الشرعي الإسلامي بدءا على النمط الشرقي المصري والسوري الذي عرفت به جماعة الإخوان المسلمين، ثم ظهر في الثمانينات الجلباب السلفي على الطريقة الخليجية . وقد تجد استثناءات هناك لا يقاس عليها في هذه المسألة . 

 وبما أن الوقاحة والسفالة لا حدود لها عند هذا الكائن العنصري العرقي الوضيع ؛ لا يجد حرجا في إدعاء :” الكراهية عبر الإسفاف الوضيع بقوله : وموازاة مع هذا التحول في مظهر النساء الإسلاميات وما يرافقه من قلق حضاري تطرح هذه الشركات في الأسواق العربية والمغاربية ما يسمى “العطر الحلال” و”أحمر الشفاه الحلال” و “دمية باربي الحلال” و”صابغ الرموش الحلال” و”الشامبو الحلال” لتكسب ثروة هائلة”   5

فهذه الحقارة والفجور لا تنصرف سوى للتعريض بتماهى المجتمع مع الإسلام، فينصب له الزاوي  التافه محقرة سخرية و هزء . 

يستدعى الحقير أسلوب قبيله من اللائكيين الذين شكلوا طرفا رئيسا في صنع محرقة التسعينيات بمواقفهم السياسية، وأفكارهم المناهضة للإسلام والعربية، ولكل ما يمت لهما بصلة، فيشخص مظاهر التدين الإسلامي عموما بقوله :”ـــ لقد بات من الصعب اليوم تمييز الإسلامويين الإرهابين في المجتمع من خلال المظهر الخارجي، لقد ذابوا مظهرياً في المجتمع الجديد بتقاليد لباسهم وحركاتهم وتصرفاتهم الجديدة المتناسبة مع الوضع القائم عالمياً ومحلياً.

أصبح الإسلاموي الإرهابي لا يتردد في استعمال (جِلْ) الشعر، ويحرص هو الآخر على حلاقة وتصفيف شعره بحسب تقليعات نجوم كرة القدم ونجوم الغناء والموسيقى، وظلت ماركات الأحذية الرياضية هي الأكثر استعمالاً برموزها الرأسمالية الجشعة واضحة في أقدام الإسلامويين الإرهابيين، شأنهم شأن فئات كثيرة من شباب المجتمعات المغاربية. وقد اختفت اللغة الدينية المنتمية إلى دعاة القرن الماضي، (جيل كشك والزنداني والشعرواي) وظهرت لغة أخرى هي قريبة من لغة نجوم الدعاة الإسلامويين الجدد، والذين يحاولون استعمال اللغة الأجنبية تارة، والدارجة المحلية طوراً في أحاديثهم. ودخلنا زمن اليوتيوب الإسلاموي الدعوي والسيلفي الإسلاموي وخرجنا من زمن الشريط المسموع”6

سخيف ورب الكعبة هذا الزاوي؛ إنه يذكرنا بنكتة تِبِسِيِّة أيضا من زمن السيعينبات والثمانينيات ؛ عن رهان اثنين أيها أكذب من أخيه، فقال أحدهما : كان لجدي حصان حين يبول أكرمكم الله يصل بوله الأرض بعد سيعة أيام !!! فأجابه صاحبه :” نحن تراهنا على كذب الأرض لا كذب السماء “  ؛ فالروائي ضحل التخيل؛  فهل يتصور عاقل أن شبابا يافعين متدينين يتخاطبون و يخاطبون الناس بأسلوب الشيخ كشك الخطيب، وأسلوب الشيخ الشعراوي مفسر القرآن الكريم المصحوبة بحركاته المميزة في مخاطبة جمهوره الملتف حوله في المساجد، أو أسلوب الشيخ الزنداني الهادىء الحكيم عارضا مظاهر الإعجاز في القرآن . 

والأمر نفسه مع من يصفهم بالدعاة الجدد: فهل مثلا نتصور خطاب   شباب  متدينين يعبرون عن تدينهم بتقليد أسلوب عمرو خالد أو غيرهم من الدعاة المعاصرين؟ يقينا أنهم سيكونون موضع تندر وسخرية هم في غنى عنها .

 الذي لوحظ ويلاحظ في خطاب المتدينين منذ بروز التيار الإسلامي في الجزائر جماهريا إنما هي أقوال وأدعية  وأذكار ومقتبسات من القرآن الكريم والسنة المطهرة، ربما مال ناطقوها أحيانا شيئا ما لما يسمعونه من أشرطة أو مرئيات . 

  لكن الخطر في سياق هذا التعالم  قوله :” بات من الصعب اليوم تمييز الإسلامويين الإرهابين في المجتمع من خلال المظهر الخارجي“. إنه تهيئة عود ثقاب إشعال الفتنة تجديدا لدور اللائكيين الذين يئسوا من اكتساح المجتمع بأفكارهم المناهضة للدين وقيم المجتمع الجزائري العريقة . الدليل القاطع  قوله :”الشيء الوحيد الذي لم يتغير هو أن هؤلاء الإسلاميين أكانوا بلباس القرن الماضي أم بلباس التقليعات الجديدة لأيام الناس هذه، فهم مستعدون للموت والانتحار وأنهم كآبائهم يدافعون عن ثقافة الكراهية ويُشَيِّئون المرأة، ويؤمنون بالخرافة، ويرفضون العيش مع الآخر ويصنفون كل ما ينتجه الغرب، وهم أوائل المستهلكين له، على أنه مؤامرة ضد الإسلام وضد المسلمين.

حتى وإن تغيرت سيميولوجيا الملبس والمظهر عند الإسلاموي فإن الإيديولوجيا لم تتغير؛ الجوهر الذي يشكل روح الذات ظل هو نفسه إن لم يكن قد ازداد شراسة، شراسة معاصرة تبدع في فن القتل والتفجير والخراب، لقد تغير شكل القتل ولكن الفعل ظل هو نفسه، حتى وإن تغيرت اللغة وتبدل الخطاب قليلا ًأو كثيراً فالموضوعات والهواجس المرضية التي طرحها الآباء المؤسسون للإرهاب لا تزال هي نفسها؛ كراهية المرأة، كراهية الآخر، محاربة الحرية الفردية، مرض الفتوحات الإسلامية الجديدة، الجهاد، معاداة اليهود والنصارى، واعتبار أن ما ينتجه هؤلاء  هو من حقهم ولو اغتصاباً.

حتى وإن تغيرت وسائل المعرفة وقنواتها من جيل الآباء المؤسس للإسلام السياسي المتطرف والإرهاب إلى جيل الأبناء، فالعودة إلى الشاذ في التراث الفقهي واعتماده في زرع الفتنة يظل هو نفسه عند الفريقين، يستعمل ويوظف لأجل التجييش والتضليل ” 7.   أين هذه التفجيرات والأعمال الإرهابية الوحشية اليوم في الجزائر، لقد تجاوزتها بفضل الله تعالى، ومنحتها درسا عميقا بليغا في الانسياق وراء شياطينها من كلّ المشارب الدينية المزيفة واللائكية الاستعمارية الصهيونية المتدرعة بالديمقراطية وحقوق الإنسان ، وكثير من هيئاتها وتنظيماتها وشخصياتها ثبتت علاقاتهم المجرمة بدول ومنظمات غربية لا تخفى أهدافها في اكتساح العالم العالم العربي والإسلاميأليس من الواجب مساءلة هذا الكذاب عن أخباره الزائفة عن شعبه ووطنه، التي ينشرها باسم الثقافة والفكر والإعلام، في وسائل إعلام أجنبية ؟

وفي هذا الصدد ندعو أيضا لمقارنة مواقفه العنصرية الوضيعة ضد أبناء وطنه، بمثله الأعلى وقدوته الحسنة { إريك زيمور} الذي حكم عليه القضاء الفرنسي أمس 17/1/ 2022 في قضية خطاب كراهية، وكان زمور أدلى بهذه التصريحات في سبتمبر/أيلول 2020 على قناة سي نيوز التلفزيونية، عندما كان يعمل كمحلل.8

وردا على سؤال حول هجوم بسكين شنه مهاجر باكستاني شاب متطرف، قال “ليس لديهم ما يفعلونه هنا. إنهم لصوص، إنهم قتلة ، إنهم مغتصبون، هذا كل ما في الأمر. يجب إعادتهم وهم لا يجب أن يأتوا أصلا”9.

ففرضت محكمة في باريس غرامة على المرشح الرئاسي الفرنسي اليميني المتطرف إريك زمور قدرها 10 آلاف يورو، بسبب خطاب يحض على الكراهية .10

مالفرق  بينهما؟ ألا يجب إخضاع الزاوي  لكتابه المقدس الديمقراطية الفرنسية ، فينال الجزاء المناسب نظرا لسجله الحافل بخطاب الكراهية العرقية والعنصرية والتجديف ضد الدين، والنيل من أعراض الشعب قاطبة بسبب دينه ولغته وتاريخه وقيمه وأصول العرقية؟

ولا يخفى دائما ثابت مركزي في خطاب الزاوي المجدف ضد الإسلام في قوله :” مرض الفتوحات الإسلامية الجديدة، الجهاد، معاداة اليهود والنصارى، واعتبار أن ما ينتجه هؤلاء  هو من حقهم ولو اغتصاباً“.فنشر الإسلام والدعوة إليه، ورد العدوان عنه وعن أهله وبلاده ، استباقا أو دفاعا ، يصنفه ضمن فرية نشر الإسلام بالسيف .

نؤكد قولنا السالف أنّ الزاوي لايطرح أفكارا وعلما ولا معرفة ولا نقدا، إنما هي خزعبلات، وأحاديث تافهين متشردين ينفسون عن أحقاد معينة بما يناسب مستواهم . وما دفعنا لتكبد عناء قراءة وكشف هذه السفالات الحقيرة ، أمران هما : اندراج هذا الوباء في مخطط عرقي عنصري لائكي، يتقاطع مع مصالح فرنسية صهيونية لم تعد تخفى على عموم الشعب بله المثقفين الوطنيين ، والاستثمار في أوضاع الشباب الحالي نتيجة لمتغيرات كثيرة معروفة، بالاستغلال في  بعد الزمن بينهم وبين حوادث التسعينيات ، ونحن نقف في بعض المنشورات والمواقع على تأثيرات لأمين الزاوي وأمثاله

وفي إطار حربه القذرة على شعائر الإسلام وقيمه ومبادئه وأحكام شريعته الغراء؛ يصور إلتزام المسلمين بحدود الله تعالى بصورةجائحة أحكام الشريعة الإسلامية تغزو العالم وتنغص حياة البشرية” :

أضحت الحياة المعاصرة في مجتمعاتنا العربية والمغاربية ثقيلة جدا، ليس بعامل ضغط الآلة الرأسمالية الهمجية العابرة للقارات فقط ولكن أيضا بما غزاها من فكرتحريميإسلاموي يلاحق المسلم البسيط في كل شيء وفي كل وقت وفي كل مكان.

لقد أصبح الفكرالتحريميظاهرة عابرة للقارات والحدود، يضغط في البلدان الإسلامية كما بين أبناء الجاليات الإسلامية المقيمة في أوروبا وأميركا، كل شيء تحت رقابةالتحريمالديني، كل حركة محسوبة دينيا، كل فكرة فلسفية أو سياسية أو جمالية تقاس بمقياس ديني.المسلم البسيط يقضي حياته بين فكّي عبارةيجوز ولا يجوز في المأكل والملبس والمركب والفكر واللغة.

تركب الطائرة فتسمع المسافر بجانبك يقرأ “دعاء المسافر” يسب “من صنع الطائرة”، حتى يثير فيك الرعب وكأن الطائرة متوجهة إلى عالم الآخرة لا إلى مطار من مطارات هذا العالم.دخل المقدس الشكلي في كل شيء فأنتج “التحريم” ومنه تفرخ “التكفير” وأسس لـ”التخوين” و”الترهيب     “11        

لايمكن تفسير هذه القذارة إلا بالحقد الدفين على الإسلام واستمرار تمسك الناس به على علاتهم، وأخطائهم، وتقصيرهم. وأما الجهات المستفيدة من هذه الخدمة الرخيصة التي يقدمها هذا الوغد فلا ريب أنها جبهتان : داخلية يمثلها فلول الاستئصال، والطائفية العنصرية العرقية، وبقايا الشيوعيين الذي هزمهم التاريخ وسننه الإلهية الماضية في الاجتماع البشري، و جبهة خارجية ؛ خليط من الرأسمالية المتوحشة التي تراهن على إضعاف الروح الدينية لدى شباب المسلمين، والهيئات الفرنسية الرسمية واليمينية المتمسكين بولاية الجزائر الفرنسية ، إضافة إلى عدو الاستقرار البشري ألا وهي الصهيونية العالمية ، التي يقدم لها أمين الزاوي عبر حنان رخيص كاذب لليهود الذين غادر أباؤهم بلادهم الأصلية واستقر فيها العرب البدو الغزاة! .

 أمّا الأكاذيب التي لا تنضب من مخزون الزاوي الاستراتيجي منها ؛ فلا يستطيع كتابة مقال يخلو من الكذب والافتراء الرخيص، فحاله كحال جرير مع الهجاء؛ إذا لم يجد من يهجو هجا أمه، ثم هجا نفسه، ومع هذا فجرير يبقى أشرف وأشجع من الزاوي الذي إن كذب كما رأينا على فصيله العرقي الذي يزعم خوضه حربا مقدسة لإقامة كيانه العنصري الطائفي الأممي المتشابك مع الكيانات الإستعمارية والصهيونية، قلت أما مَلْح مقاله المذكور من الكذب فلا تخطئه العين : ففي قوله :” المسلم البسيط يقضي حياته بين فكّي عبارةيجوز ولا يجوز في المأكل والملبس والمركب والفكر واللغة؛فالعناصر المذكورة فعلا يجب خضوعها لأحكام الإسلام؛ فذاك مطلوب الشارع الحكيم من المسلم، اللهم إلا مسألة اللغة؛ فسفاهة الزاوي غشت بصره عن أن القرآن الكريم عدّ تنوعها أية من أيات الله تعالى كما جاء في الذكر الحكيم :” ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين   الروم /22 ، الأمر كما قال الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في التفسير والتنويرـــ تنوير العقول والنفوس بانوار القرآن ، لا تنوير اللائكيين بظلمات الكفر والفسوق والفجور والشذوذ، والزحف على البطون أمام موائد المرابين اليهود، والاستعماريين الأنجاس ـــ :” واختلاف لغات البشر آية عظيمة فهم مع اتحادهم في النوع كان اختلاف لغاتهم آية دالة على ما كونه الله في غريزة البشر من اختلاف التفكير وتنويع التصرف في وضع اللغات ، وتبدل كيفياتها باللهجات والتخفيف والحذف والزيادة بحيث تتغير الأصول المتحدة إلى لغات كثيرة”9 .ثم والخطاب للعاقلين إن المولى تعالى وجههم في ختام جزء  الآية أنها للعاملين ؛ أي ” وقرأ الجمهور ( للعالمين ) بفتح اللام . وقرأه حفص بكسر اللام أي لأولي العلم . ” . 13 . فكأن قراءة حفص وسعت المعنى لأرحب أفق؛فهي بمثابة الشفرة في علم الجينات والمورثات؛ تنطوي على آفاق علم الأجناس وعلم اللغة؛ في الأطر الأخلاقية والرحمة بين البشر الذين ما فتىء يوجهونه لأهداف العنصرية والعرقية والاضطهاد، والتمييز العنصري، والاستعمار، والزاوي الذي تخندق في هذا الخندق العفن، خطابه كله للكراهية العرقية واللغوية والدينية . 

فنجده ينافس بشراسة أعلام { رُهاب الإسلام/ الإسلامو فوبيا} الفرق الوحيد بينه  وبينهم،سعة الإطلاع ووفرة البيانات ، والتمكن من النظريات والمقولات التفسيرية، ودهاء الاستخدام لديهم، بينما هو الفراغ والضحالة والعقل المسطح والسفالة والكذب الغبي غالبا؛ ” دخل المقدس الشكلي في كل شيء فأنتج “التحريم” ومنه تفرخ “التكفير” وأسس لـ”التخنوين” و”الترهيب … ـ لاحق فكر التحريم المسلمَ حتى في المراحيض فأخرجوا نصوصا من الأحاديث ومن التفاسير ومن أقوال الأولين تحدد لنا كيف يجب قضاء الحاجة بطريقة إسلامية!!

تدخل بيتا عليك أن تعرف كي تدفع برجلك اليمنى قبل اليسرى وإلا ذلك حرام، ويخرج المُتَفَقِّهُ نصوصا وتفاسير وقال فلان عن علان عن… حرّموا كل شيء فاختفت المرأة من الشارع أو كادت وعاد الشارع مليئا بأشباح ضحيةالتقميش، لا لشيء إلا لأن الرجل المسلم لا يستطيع أن يكبح غريزته، ويخرج لك من أجل الدفاع عن ذلك كلاما من كيس الكتب الصفراء”  14 المهم أنه لا يطيق القول بلا كذب وسفالة وحقد؛ نموذجه هنا   الكذب بالصورة التي رسمها للشارع الجزائري بتضخيم أعداد المحجبات، خاصة منهن المتجلببات، فكما قلنا ونكرر إن غباءه سريع فضحه، وتعريته : كاذبا دعيا وقحا.

   يحاول الزاوي المغالطة بعبارةالتدين الشكلي أن يمرر تحتها كلّ عدوان وطعن في الدين : فالإيمان بالغيب وبالقدر، والرجاء في عفو الله ودخول الجنة ،وحب الله تعالى، والإيمان بعلامات الساعة، و ارتداءالحجاب ، والحرص على صلاة الجماعة ، وإنكار المنكرات السلوكية، الالتزام بالأذكار المأثورة والسنن ، والبسملة والدعاء وخطب الجمعة التي تتناول الشأن العام بالحكمة والتبصرة، والاستشهاد للأقوال والأفعال بالسنة النبوية الشريفة، وتحرى المسلم حكم الشرع فيهما، كل هذا تدين شكلي . قدرُ أمين الزاوي أنه سطحي، محدود الإدراك، مما يوقعه في شرّ أقواله وفجوره . فحيلته كما قلت سلفا أوهى من عقال بعوض.  

لنضيف لما سبق من {رُهَاب الإسلام } ما يؤدى إليه خطابه تحت مظلة التدين الشكلي، من وصف الإيمان والإسلام اللذان هما قول وعمل بوباء التدين ؛ استثمر في كورونا بإسقاط فعلها على التدين الشكلي  الإسلامي، وكيفية مواجهته، فيجب حسب فهمه السقيم مراجعة موقع الدين ومظاهر التدين: بقصر الدين على الصلة الروحية بين العبد وربه14، واستباحة اللائكية لباقى مجالات الحياة الإسلامية، وينبغي الانتباه إلى عبارة { صلة روحية}، التي لا تعني بالضرورة الشعائر التعبدية الإسلامية بصورتها الشرعية، وإنما للمتدين اختيار الدين الذي يختاره، و يرضى   عواطفه الروحية فينشئ وفقه صلة روحة مع خالقه . وهكذا تصير النصيحة الإبليسية مجالا مفتوحا على كل دين سماوي أو وضعي . أما المعترض على التنبيه، فنحيله إلى العقيدة الأركونية في القرآن الكريم والسنة النبوية التي تبناها ببلاهة وجهل أمين الزاوي؛ فالذي بين أيدينا هو القرآن المكتوب ولكن ليس هو الوحي الذي أوحاه الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فالقرآن المتداول بين الناس اليوم، تعرض لتدخل البشر بالحجب والإضافة والنقص، وتضاد الروايات وغيرها، أما أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم المجموعة في كتب السنة فكتبها أصحابها برعاية الحكام والخلفاء وفق ما يوافق أهواءهم السياسية ومصالحهم

إذن بأي مشروعية دينية نصفها بالإسلامية نلزم المسلم بالتعبد وفق ما نقول له إنها العبادات المشروعة، وما يؤثر سلبا أو أيجابا في مشروعيتها ؟ تلك هي مقدمة الزاوي الأركونية الخبيثة، ومآلات المسلم معها وضمنها

 ورغم الخطورة الكبيرة التي يفضى إليها خطابه في التعامل مع التدين الإسلامي؛ لا ينسى أحبته وأولائه : اليهود والنصارى؛ فعلاج وباء التدين بمناسبة العلاج من كورونا :” لقد علمنا وباءكورونابأنه حان الوقت أيضاً لوضع حد لزمن خطاب ما قبل الوباء، والانتهاء من زمن لعن وشتم اليهودي والمسيحي والكافر والشيوعي في كل خطبة جمعة15

 ومن أكاديبه الغبية قوله :” تركب الطائرة فتسمع المسافر بجانبك يقرأدعاء المسافريسبمن صنع الطائرة، حتى يثير فيك الرعب وكأن الطائرة متوجهة إلى عالم الآخرة لا إلى مطار من مطارات هذا العالم16. قبحه الله وأذله : الدعاء الذي حقره كما رأينا، يصير باعثا على الرعب، بينما حقيقته بعث الطمأنينة في نفس المسلم المقبل على سفر، لا يعلم ما فيه من عواقب الخير أو غيره . أما الدعاء فكما يحفظه المسلم  هو :” الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل. وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن : آیبون تائبون، عابدون، لربنا حامدون. – { {رواه مسلم}

 أين مكمن الرعب فيه ؟ أين سب وشتم  ربان الطائرة أو ركابها ؟ منتهدى الحقارة والفجور والكذب، و لكن فيما يبدو أن مستوى الزاوي اللغوي يقصر به عن فهم بعض ألفاظه وجمله الشريفة، وهو لا يكلف نفسه البحث لضبط ما يكتب ويوثق ويضبط ؟  أفي سبيل تهوين التدين نفسيا وسلوكيا في نفوس الشباب يتردى المرء لهذا الحضيض اللعين ؟ 

هوامش :

ــــ1  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ{ ألغام شبكات التواصل الاجتماعي… شحرور يغرد خارج السرب.

.  ـــــــ2ــــــــــــــ “ ما الفرق بين إسلاميي الجزائر وإسلاميي تونس؟” م . ن ؛ الخميس 5 ديسمبر 2019

3 . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ “ سوسيولوجيا التجمهر في العالم العربي… الإسلام السياسي وكرة القدم والموسيقى

الخميس 10 أكتوبر 2019

4 . م .ن

5.  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ سيميائية “اللّوك” الإسلاموي المعاصر لخميس 29 أغسطس 2019  

6. ــــــــــ م.ن

7 . م . ن

8. فرنسا.. تغريم إريك زمور 10 آلاف يورو بعد اتهامه بالتحريض على …

https://mubasher.aljazeera.net

9. م ن

10. م ن

11.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  “ عقلية التحريم في بلاد العرب والبربر والغرب “؛   العرب :18/02/2019

12. م ن

 13. الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ؛ التحرير والتنوير، ج22/ ص73

14.الزاوي، “ عقلية التحريم في بلاد العرب والبربر والغرب ــ  م،س .

15. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثة دروس لزمن ما بعد “كورونا”، 26/3/2020

16. الزاوي، “ عقلية التحريم في بلاد العرب والبربر والغرب ــ  م،س .

13. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثة دروس … م س

14. م ن

15. م ن